لغة التواصل كحجر أساس في بناء ثقافة السلامة
نؤمن بأن لغة التواصل الإيجابي ليست مجرد أسلوب لغوي أو مهارة ناعمة، بل هي أداة استراتيجية تؤثر بعمق في ثقافة السلامة داخل المؤسسات، سواء كانت تعليمية، صناعية، صحية أو خدمية. عندما تعتمد المؤسسات على خطاب إيجابي واعٍ، فإنها تضع الأساس لبيئة عمل آمنة، متعاونة، ومسؤولة، يكون فيها الأفراد أكثر التزامًا وإدراكًا للمخاطر، وأكثر استعدادًا للإبلاغ والمشاركة.
تعبر ثقافة السلامة عن مجموعة القيم، والمعتقدات، والسلوكيات المشتركة التي تحدد كيفية تعامل الأفراد مع السلامة والمخاطر. نحن نتعامل مع ثقافة السلامة باعتبارها منظومة متكاملة تشمل:
- الوعي بالمخاطر
- الالتزام بالإجراءات
- المسؤولية الجماعية
- الثقة المتبادلة
- التواصل الفعّال
وهنا يظهر الدور المحوري للغة التواصل الإيجابي في تحويل السياسات المكتوبة إلى سلوك يومي حي.
ما المقصود بلغة التواصل الإيجابي؟
نقصد بـ لغة التواصل الإيجابي ذلك الأسلوب الذي يعتمد على:
- التشجيع بدل التهديد
- التوجيه بدل اللوم
- التحفيز بدل التخويف
- الاحترام بدل التقليل
نحن لا نكتفي بنقل التعليمات، بل نُشرك الأفراد ذهنيًا ونفسيًا، مما يرفع من مستوى القبول والتطبيق.
العلاقة المباشرة بين التواصل الإيجابي والالتزام بالسلامة
نلاحظ بوضوح أن المؤسسات التي تعتمد لغة إيجابية في التواصل تحقق مستويات أعلى من الالتزام بإجراءات السلامة. عندما يشعر الموظف أن الرسائل الموجهة إليه:
- تحترم عقله
- تقدّر دوره
- تعترف بجهده
فإنه يصبح أكثر استعدادًا لتطبيق التعليمات، حتى في غياب الرقابة المباشرة. الالتزام الطوعي هو أعلى درجات السلامة، ولا يتحقق إلا بلغة إيجابية.
التواصل الإيجابي كوسيلة لتقليل الحوادث والأخطاء
نعلم أن جزءًا كبيرًا من الحوادث المهنية يحدث بسبب:
- سوء الفهم
- تجاهل التعليمات
- الخوف من الإبلاغ
عند استخدام لغة إيجابية:
- نقلل من الغموض
- نفتح قنوات الحوار
- نشجع الإبلاغ المبكر عن المخاطر
وبذلك تتحول السلامة من رد فعل بعد الحادث إلى سلوك وقائي استباقي.
أثر لغة التواصل الإيجابي على الإبلاغ عن المخاطر
نؤكد أن الإبلاغ عن المخاطر هو العمود الفقري لأي نظام سلامة فعّال. إلا أن الإبلاغ لا يزدهر في بيئة يسودها:
- اللوم
- العقاب
- التوبيخ العلني
بينما في بيئة تعتمد لغة إيجابية:
- يشعر الأفراد بالأمان النفسي
- يدركون أن الإبلاغ مسؤولية لا تهمة
- يشاركون دون خوف
وهذا يعزز ثقافة الشفافية والسلامة المشتركة.
دور القيادات في ترسيخ لغة التواصل الإيجابي
نرى أن القادة هم النموذج الأول للغة التواصل داخل المؤسسة. فعندما يستخدم القائد:
- عبارات داعمة
- أسئلة بنّاءة
- توجيهًا واضحًا ومحترمًا
فإن ذلك ينعكس مباشرة على سلوك الفرق. القيادة الإيجابية لا تفرض السلامة بالقوة، بل تبنيها بالقدوة.
التواصل الإيجابي والتدريب على السلامة
في برامج التدريب، تلعب اللغة دورًا حاسمًا في:
- تثبيت المعلومات
- تغيير السلوك
- رفع الدافعية
نحرص على أن تكون مواد السلامة مصاغة بلغة:
- واضحة
- مشجعة
- عملية
- غير معقدة
لأن المتدرب يتفاعل أكثر مع رسالة يشعر أنها موجهة له كشريك، لا كمتهم.
لغة التواصل الإيجابي وتأثيرها على السلامة النفسية
لا تقتصر السلامة على الجوانب الجسدية فقط، بل تشمل أيضًا السلامة النفسية. نحن نؤمن أن اللغة الإيجابية:
- تقلل من التوتر
- تخفف الضغوط
- ترفع الشعور بالانتماء
وكلما زادت السلامة النفسية، زادت القدرة على التركيز والانتباه، مما ينعكس مباشرة على تقليل الحوادث.
بناء ثقافة سلامة مستدامة عبر التواصل
نحن لا نسعى إلى حلول مؤقتة، بل إلى ثقافة سلامة مستدامة. والاستدامة هنا تعني:
- رسائل سلامة مستمرة
- تواصل يومي إيجابي
- إشراك الجميع في الحوار
لغة التواصل الإيجابي هي الوسيلة الوحيدة القادرة على ترسيخ السلامة كقيمة طويلة الأمد، لا كمبادرة عابرة.
أمثلة تطبيقية على التواصل الإيجابي في السلامة
نعتمد في تطبيقنا العملي على:
- استبدال عبارات التحذير القاسية برسائل توعوية
- استخدام القصص الواقعية بدل الأوامر الجافة
- الإشادة بالسلوك الآمن علنًا
- تقديم الملاحظات بأسلوب بنّاء
هذه الممارسات البسيطة تحدث فرقًا كبيرًا في سلوك الأفراد واستجابتهم.
أخطاء شائعة يجب تجنبها في لغة السلامة
نحذر من بعض الأساليب التي تضعف ثقافة السلامة، مثل:
- لغة التهديد
- التعميم السلبي
- السخرية
- التقليل من المخاطر
هذه الأساليب تقوض الثقة، وتخلق مقاومة داخلية، حتى لو كانت النية حماية الأفراد.
التواصل الإيجابي كميزة تنافسية للمؤسسات
نؤكد أن المؤسسات التي تنجح في بناء ثقافة سلامة إيجابية تحقق:
- انخفاض معدلات الحوادث
- ارتفاع الإنتاجية
- تحسن السمعة المؤسسية
- زيادة رضا العاملين
وبذلك تصبح السلامة استثمارًا استراتيجيًا لا عبئًا تشغيليًا.
لغة واحدة تصنع فرقًا كبيرًا
نخلص إلى أن لغة التواصل الإيجابي ليست خيارًا تجميليًا، بل عنصرًا جوهريًا في بناء ثقافة سلامة فعّالة ومستدامة. عندما نختار كلماتنا بعناية، فإننا لا نحمي الأفراد فقط، بل نبني بيئة عمل إنسانية، واعية، ومسؤولة، تكون فيها السلامة سلوكًا تلقائيًا لا تعليمات مفروضة.
التسميات
التدريب والتوعية
